لين أودجارد: “الخريجون الجدد من أكاديمية هنري فورد لريادة الأعمال في المغرب رواد حقيقيون للأعمال، مثلي ومثلكم تماما”

طوال العامين الماضيين، كان تعليم ريادة الأعمال وممارستها في الولايات المتحدة الأمريكية نقطة تركيزي الأساسية. وبعد سنتين من الدراسة وحصولي على درجة الماجستير في ابتكار المنتجات من جامعة فرجينيا كومنولثVCU ، أعمل الآن كمدرسة مساعدة في الدورات الجامعية لريادة الأعمال، ويقوم جزء من عملي على تقديم المشورة للطلاب الجامعيين، ومن هذا الموقع شهدت موضوعا شائعا في ريادة الأعمال وهو المخاطرة.

حين عُرضت عليّ فرصة الذهاب إلى الرباط، ومراقبة ورشة عمل أكاديمية هنري فورد لريادة الأعمال، لم أتردد مطلقاً، وكنت مهتمّة للغاية بمعرفة طريقة التفكير التي يتميز بها رواد الأعمال الشباب في بلد مختلف، وضمن ثقافة مختلفة. بالإضافة إلى استكشاف أوجه التشابه والاختلاف في هذا النطاق.

وشعرت بالحماس عند مشاركتي في ورشة العمل الأخيرة التي أقامتها أكاديمية هنري فورد لريادة الأعمال في الرباط، حيث عملت هذه الورشات منذ انطلاقتها في شهر ديسمبر عام 2015 وحتى وصولها إلى الرباط، على تدريب حوالي 150 من رواد الأعمال في المغرب، وتزويدهم بمجموعة جديدة من المهارات الضرورية، والأدوات، وأسلوب التفكير الريادي اللازم لتعزيز أفكارهم الإبداعية، وتقييم جدوى مشاريعهم، ومساعدة رجال وسيدات الأعمال على إطلاق وتنمية مشروعاتهم الجديدة والمحافظة عليها.

وعلى مدى ثلاثة أيام، انطلقت ورشة العمل مع عروض واعدة لمشاريع ريادة الأعمال تقدّم بها جميع المشاركين. وأعجبت بتنوع الأفكار التي كانت في معظمها منصات تكنولوجية أو إلكترونية، مستوحاة من مشاريع جديدة ناجحة في الولايات المتحدة. كما طرحت عروض أخرى أفكاراً مبتكرة تعتمد على استثمار زيت شجر الأركان وهو منتج مغربي حصري، نظراً لرواج استخدامه في مستحضرات التجميل والمنتجات الغذائية. وأظهرت مشروعات أخرى طموح إلى إطلاق مشاريع استشارية تتعلق بريادة الأعمال والأدوية والصحة والمقاولات.

ومع تعرّفي على المشاركين في ورشة العمل بصورة أكبر، أصبحت أكثر إدراكاً للدوافع التي تحركهم، وللأسباب الكامنة وراء حضورهم لورشة عمل أكاديمية هنري فورد لريادة الأعمال، حيث يشتركون جميعاً في سمات مميزة، وهي رغبتهم في التواصل مع غيرهم من روّاد الأعمال، وتعلّم المهارات اللازمة لتطوير أفكارهم الإبداعية. وفي النهاية، كانوا يأملون بتخفيف المخاطر المحتملة وراء المجازفة بإطلاق أعمالهم. وهي نفس السمات التي عرفتها لدى رواد الأعمال في الولايات المتحدة خلال سنوات خبرتي السابقة.

وضمن الأفكار التي طرحت في ورشة عمل أكاديمية هنري فورد لريادة الأعمال، ظهر اهتمام كبير من المشاركين بتحقيق أهداف تخدم المجتمع، مثل ابتكار حلول صديقة للبيئة، أو تطوير رفاهية البلاد وثرواتها. وفي هذا الصدد، كنت حاضرة في عرض حملة الألفية “أنقذوا العالم”، التي تقوم على غرار حملات الطلاب في جامعة فرجينيا كومنولث. وكان واضحاً بالنسبة لي مستوى النضج في التوجه الاجتماعي لمشاريع ريادة الأعمال في المغرب، وتجلى ذلك بشكل خاص في اثنتين من المشاركات تميّزتا بتجسيد هذا التوجه بشكل قوي خلال ورشة أكاديمية هنري فورد لريادة الأعمال.

من دولة مالي، جاء سايون كوليبالي الذي أنهى دراسة الماجستير والدكتوراه في الرباط، وتقدم برؤيته الخاصة لمساعدة رواد الأعمال الشباب ضمن المجتمعات الأكثر فقراً في مالي، حيث أدى الافتقار إلى التوجيه وتعزيز الثقة إلى شعوره باليأس والإحباط.

وعقب تخرجه من أكاديمية هنري فورد لريادة الأعمال، قال سايون: “تغير أسلوبي في التفكير. ففي البداية لم أكن أعرف كيفية تحقيق النجاح في مجال الأعمال. فهمت الآن كيف أصبح رائد للأعمال، وكذلك الطريقة التي أخطط بها لمشروعي للمضي به قدماً”.

وبفضل الأفكار ووجهات النظر التي تقدّم بها باقي المشاركين في الورشة، اكتشف كوليبالي الإمكانيات الكامنة في الإبداع التراكمي، مثل إضافة تحسينات صغيرة على الحلول القائمة. أما الأدوات وأطر العمل الجديدة التي تعلمها كوليبالي خلال الورشة فستساعده على تحديد خطواته المقبلة، مثل التحقق من عرض القيمة المقترحة لمشروعه. ومع أكاديمية هنري فورد لريادة الأعمال تلاشى تردد كوليبالي أمام المخاطرة، وأصبح كما يقول عن نفسه: “غير خائف أبداً”.

وبشكل مماثل، لم تعد المخاطرة أمراً تخشاه ياسمين أوشابار، التي نشأت في مدينة الحسيمة المغربية، والتي قررت قبل سنتين أن تنتقل إلى الهند كي تنشئ مؤسستها الخاصة للتسويق. وبرغم عملها الجاد والدؤوب لم ينجح مشروعها كما كانت تتصور. ومع ذلك، رفضت أن تكون تجربتها تأكيداً لفشل المرأة في نظر “مجتمع مدينتها المحافظ الذي لا يقدر عمل النساء”.

ومع الإلحاح الكبير لأصدقاء طفولتها، عادت ياسمين إلى المغرب بحثاً عن فرصة جديدة، وشجعها أصدقاؤها قائلين: “هذا المشروع جزء منك، فلا تقبلي بالتخلي عنه!” وعلى مدى شهرين، ركزت ياسمين على توزيع منتجات زيت الأركان للتجميل التي يوردها موزعون مغاربة على مستوى رفيع. وجاءت مشاركة ياسمين في ورشات عمل أكاديمية هنري فورد لريادة الأعمال لتعزّز من حماستها وثقتها بنفسها، والتواصل مع أصدقاء يشاركونها التفكير والطموح.

وكانت متابعة التحول الكبير لمستوى الثقة بالنفس عند المشاركين أمراً رائعاً، بالإضافة إلى قدراتهم الواضحة على ريادة الأعمال، حيث تخرجوا من أكاديمية هنري فورد لريادة الأعمال حاملين معهم طموحاً جديداً ودافعاً كبيراً للتميز والنجاح.

 

وبالنتيجة، ما الذي تعلمته عن أساليب التفكير لدى رواد الأعمال الشباب في المغرب؟

يكمن الفرق الواضح بين طرق تفكير رواد الأعمال في الولايات المتحدة ونظرائهم في المملكة المغربية في أسلوب تقييم المخاطر. ففي الوقت الذي تتميز به الولايات المتحدة بشبكات الدعم الهائلة لرواد الأعمال، بدءاً من المستثمرين والاستشاريين والجامعات ورؤوس الأموال وأصحاب الاستثمارات، ومنصات تعهيد الأعمال، والجهات الراعية وبرامج تسريع الاستثمار وغيرها، فإننا نجد في المقابل أن القروض المصرفية هي المصدر الرئيسي للتمويل في المغرب، نظراً لتعذر القيام بحملات تمويل مناسبة، والنقص الكبير في الجهات الاستثمارية الخاصة. كما يبدو أن ندرة موارد التمويل تشكل خطراً أكبر نظراً لما يسببه ذلك من إحباط وتردد لدى المشاركين في أكاديمية هنري فورد لريادة الاعمال، مقارنة بنظرائهم من الطلاب في جامعة فيرجينيا كومنولث.

ويبدو الخوف من المخاطرة، والحماس في الوقت نفسه، واضحاً لدى الجانبين، ولكن بدرجات متفاوتة اعتماداً على مدى سهولة الوصول إلى رأس المال والموارد. ومن المثير للاهتمام أن الدوافع لريادة الأعمال لدى الفريقين كانت نفسها، وهي: الحرية والمرونة والاستقرار المالي، والسعي للحصول على الفرصة لتحقيق فارق في مستوى الحياة والمعيشة.

وبشكل عام، يُعرف رائد الأعمال باعتباره الشخص الذي يقوم بتنظيم وإدارة شركة أو أعمال تجارية، انطلاقاً من تحمّل مخاطرات مالية غير معتادة لإنجاز أعماله. والأمر الذي تبين لي واضحاً بعد تعرفي على هذه المجموعة الطموحة من الرجال والنساء في عالم الأعمال، أن الشخص الحرّ، وحده، هو الشخص الذي يبادر بالمغامرة، وهذا ينطبق على كل بيئة في العالم. وفي النهاية، أدركت أن الخريجين الجدد من أكاديمية هنري فورد لريادة الأعمال في المغرب هم أيضاً رواد حقيقيون للأعمال، مثلي ومثلكم تماماً.

Comments (0)
Add Comment